صدى الأروقة المظلمة
في قلب مدينة مهجورة، حيث تتراقص الظلال على جدران المنازل الخاوية، كانت هناك قصة تُروى عن قصر قديم يُعرف باسم "قصر الهمسات". قيل إن كل من يجرؤ على دخوله ليلاً، لن يخرج منه أبدًا. كانت الأساطير تتحدث عن أرواح معذبة تجوب أروقته، تهمس بأسماء الغرباء، وتجرهم إلى مصير مجهول. كانت الأجواء في القصر دائمًا باردة، حتى في أشد أيام الصيف حرارة، وكأن برودة الموت قد استقرت في كل زاوية من زواياه.
كانت "ليلى" فتاة شجاعة، لا تؤمن بالخرافات. تحدت أصدقاءها ودخلت القصر في ليلة مقمرة، حيث كان ضوء القمر بالكاد يتسلل عبر النوافذ المكسورة. مع كل خطوة، كانت الأرضية الخشبية تصدر صريرًا مخيفًا، وكأنها تئن تحت وطأة الأسرار المدفونة. فجأة، سمعت همسًا خافتًا ينادي اسمها، لم يكن صوتًا بشريًا، بل كان أشبه بصدى قادم من أعماق الزمن.
تتبع ليلى الصوت، الذي قادها إلى قاعة كبيرة في قلب القصر. كانت القاعة مظلمة تمامًا، لكنها شعرت بوجود شيء ما يراقبها من الظلام. ارتجف قلبها، وشعرت ببرودة شديدة تسري في عروقها. حاولت أن تشعل كشاف هاتفها، لكنه لم يعمل. في تلك اللحظة، ظهرت أمامها أشباح شفافة، تتراقص في الهواء، وتصدر أصواتًا مرعبة. لم تكن هذه الأشباح مجرد خيالات، بل كانت حقيقية، وكانت عيونها تشتعل بلهيب أحمر مخيف.
حاولت ليلى الهرب، لكن الأبواب أغلقت خلفها، وكأن القصر نفسه قد حبسها بداخله. كانت الأشباح تقترب منها ببطء، تمد أيديها الباردة نحوها. صرخت ليلى بأعلى صوتها، لكن صراخها لم يجد صدى سوى في أروقة القصر المظلمة. لم يتم العثور على ليلى أبدًا، وأصبحت قصتها جزءًا من أساطير قصر الهمسات، تحذيرًا لكل من يجرؤ على تحدي الظلام.
يقال إن روح ليلى لا تزال تجوب القصر، تهمس باسمها، وتنتظر من يتبعها إلى مصيرها المحتوم. وفي الليالي المقمرة، يمكن سماع صرخاتها الخافتة، وهي تتلاشى في صدى الأروقة المظلمة.